lundi 8 février 2010

أحمـــد السبــعـي

بقـلم الدكــتور
محمد بن لحسن
أستاذ التاريخ المعاصر
كلية السلطان مولاي سليمـان
بنـي مــلال
السبعي، أحمد بن محمد بن الحسن بن محمد السغروشني (نسبة إلى قبيلة آيت سغروشن)، عالم صوفي، ينسب نفسه في تأليف له في النسب الحسني برز اسمه في ميدان المقاومة المسلحة عندما بدأ الجيش الفرنسي يتطاول من الناحية الشرقية إلى بوذنيب في بداية القرن العشرين وهنا قام يصرخ في القبائل الأمازيغية من إخوانه آيت سغروشن، وفي القبائل التي كانت تصيح له وتعتقد في بركته، كآيت يزدك، وآيت مرغاد، وآيت خباش، وآيت عطة، وآيت يوسي، وبعض قبائل تافيلات كأولاد جرير وأولاد الناصر، حتى التأمت عليه جموع غفيرة، قصد بها بوذنيب، ومنها إلى المنكوب الذي يبعد عن هذه المدينة بحوالي 130 كلم شرقا. ويقول صاحب كباء العنبر إن "جل المجاهدين كانوا رجالة، وفيهم قليل من الخيل، وكان رئيسهم مولاي أحمد السبعي". ج2 ص26
وقبل طلوع فجر يوم 16 أبريل من سنة 1908، قرر أحمد السبعي مباغثة الفرنسيين المتمركزين في منطقة المنابهة . وهكذا ضرب المغاربة الحصار على معسكرالكولونيل،بيرون ، وتسلل البعض منهم إلى داخل التكنة بعدما قضوا بالخناجر على مراكز العسس الأمام وجرت بين الطرفين معركة طاحنة استمرت من الرابعة صباحا إلى السادسة صباحا من اليوم الموالي، وكان أحمد السبعي، أثناء المعركة يحرض على الثبات، ويرغب المقاتلين في الشهادة، مستبسلا مستقبلا، والقدائف تتساقط أمامه وخلفه، ورؤساء القبائل يلحون عليه بأخذ الحدر وعدم المغامرة، فيأبى إلا الأمام، وهو يصيح "دونكم دونكم وأبواب الجنة مفتوحة"، وعندما يسمع هدير المدفعية تقعقع ينادي: "هذه زكاريم أبواب الجنة تفتح لكم". وحسب المصادر التي نستقى منها هذه المعلومات، فإن المغاربة استرجعوا مركز "المنكوب" وطردوا منه الجيش الفرنسي، غير أن الجنرال أليكس ، قائد القوات الفرنسية نظم جيشه بعدما جاءته الإمدادات من بشار، ونصب المدافع على المرتفعات والمنعرجات، وصب على المغاربة وابلا من القذائف التي كانت تحصدهم حصد الهشيم، فانسحبوا إلى التلال المجاورة، واستمر التراشق بالرصاص طيلة يوم 17 أبريل.
ورغم أن المجاهدين تراجعوا على أعقابهم، فإن معركة المنكوب، ألهبت الشعور في نفوس ذوي الغيرة الدينية والوطنية وأسهمت في شحذ الهمم، وإذكاء الحماس، ونفض الغبار عن عناصر الأصالة في هذه الأمة، وزاد التفاف القبائل الأطلسية والصحراوية بشيخهم مولاي أحمد السبعي الذي استمر هو وتلاميذه في تطاوفهم وتجاولهم عبر الأطلس والصحراء لشرح مضمون الجهاد كحل حاسم ضد المد الاستعماري.
وعندما دخل السلطان عبد الحفيظ فاس سنة 1908 أمر المتحمسين للمقاومة، وخاصة شيوخهم، بالكف عن محاربة الغزاة باعتبار أن السلطان هو الوحيد الذي له الحق شرعا في الإعلان عن الجهاد (كباء العنبر ج.2، ص.33). فوجب الامتثال لأوامر السلطان الجديد، الذي ظهر بمبدإ الجهاد والذبّ عن كيان الأمة ودينها وحدودها. فخفت صوت أولائك المجاهدين المخلصين أمثال مولاي أحمد السبعي. وقد يعزى هذا الموقف إلى الضغوطات التي كانت تمارسها فرنسا على المخزن، وتطالب بتعويضات كلما تعرض جيشها أو قوافلها أو مراكزها العسكرية لهجومات المقاومة.
ولما اشتدت الأزمة على مولاي عبد الحفيظ، وانفلت الزمام من يده ورضي بالحماية الفرنسية على المغرب، عاد مولاي أحمد السبعي إلى استنهاض الناس، وتحريضهم على الجهاد ومواجهة العدو.
وهكذا ظل يجاهد في الصحراء حتى وصل العدو إلى قبيلة آيت سغروشن (1915) فعاد إليها، وبقي في تلك الربوع قدوة للمجاهدين وقبلتهم حتى وافته منيته سنة 1336ﻫ- 1917م.
وكان كما سخر سيفه لله، فكذلك سخر قلمه للدفاع عن الإسلام وتخليصه من الشعوذة والمشعوذين، ومن رواسب الأفكار الجامدة، فبينما كان يستنهض الناس في تافيلات، إذا بأحد المتصوفة الكاذبين، الذين ألفوا التخاذل والتواكل، يجمع الناس، رجالا ونساء في حفلات راقصة، باسم الطريقة الدرقاوية، فيلتهمون المآكل والمشارب يوما في هذه القبيلة ويوما بالأخرى (كباء العنبر ج.2، ص.34).
ولم يكن هذا الدعي (اسمه عبد الله بن مراح المغلي من مغل وهو قصر في نواحي بشار) يكتفي بهذا التصوف الكاذب، بل كان يصرح في القبائل بأن وقت الجهاد لم يصل بعد. فكتب له مولاي أحمد السبعي كتابا مطولا، كله مواعظ، تستند إلى أحكام الشريعة الإسلامية، وشاء القدر أن يجتمع به بأحد قصور آيت عطة، ويمكنه من الكتاب بنفسه وسط جموع غفيرة، وأن يجري معه مناظرة لعله يزكى أو يتذكر فتنفعه الذكرى وقد شهد الدعي مع غيره من الحجج القاطعات والدلائل البينات على يد الشيخ السبعي ما هو أظهر وأجلى وأقطع من أن الجهاد صار فرض عين على كل مسلم بعدما عرفته البلاد من غزو استعماري صليبي وللشيخ أحمد السبعي بعض التآليف منها واحد في نسب بيته مطبوع ومنها النصيحة...
--------------------------------
المصادر والمراجع : - أحمد المنصوري، كباء العنبر من عظماء زيان وأطلس البربر، مخطوطة الخزانة العامة، رقم 946
- محمد المنوني، مظاهر يقظة المغرب، مكتبة المدارس، 1985 ج2.
- محمد المعزوزي وهاشم العلوي، الكفاح المغربي المسلح في حلقات، (1900-1935)، مطبعة الأنباء، الرباط 1987.
- A. Bernard, le Maroc, Alcan, Paris 1932.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire